موقف ابن عباس من الإسرائيليات كان عبد الله بن عباس رضي الله عنهما من الحريصين على صيانة كتاب الله من تحريفات أهل الكتاب - اليهود والنصارى - وهو ما عرف في التفسير بالإسرائيليات. وقد تكلم علماؤنا في حكم رواية هذه الإسرائيليات وتفنيدها كما وضحها الإمام ابن كثير في مقدمة تفسيره. وقد صح عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: " تسألون أهل الكتاب عن كتبهم ، وعندكم كتاب الله، أقرب الكتب عهداً بالله ، وتقرؤونه محضاً لم يشب" وقال أيضاً رضي الله عنهما: " كيف تسألون أهل الكتاب عن شيء وكتابكم الذي أنزله الله على نبيه بين أظهركم أحدث الكتب عهداً بربه غض لم يشب ؟ ألم يخبركم الله في كتابه أنهم غيروا كتاب الله وبدلوه، وكتبوا الكتاب بأيديهم فقالوا: هذا من عند الله ليشتروا به ثمناً قليلاً ؟ ألا ينهاكم العلم الذي جاءكم عن مسألتهم ؟ والله ما رأينا رجلاً منهم قط يسألكم عما أنزل الله عليكم". (رواهما البخاري في كتاب الاعتصام 7363 والتوحيد 7522-7523 ) وهذا النص من ابن عباس نفسه قاطع في رده للإسرائيليات وعدم تعويله عليها، ولا تعارض بين هذا النص الصريح، وبين ما يوجد عن ابن عباس من بعض الروايات التي فيها رائحة الإسرائيليات، وجوابه من وجهين : الأول: عدم ثبوت ذلك عنه ، فقد روى البيهقي بإسناده في مناقب الشافعي في باب ما يستدل به على معرفته بصحة الحديث عن الشافعي، قال:" لم يثبت عن ابن عباس فى التفسير إلا شبيه بمائة حديث". ويحمل هذا القول على الأحاديث المرفوعة لأن الذي صح من ذلك قليل جداً، ولذلك قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وما أكثر ما يُحَرّفُ قول ابن عباس و يُغلط عليه!" : ( انظر: تفسير آيات أشكلت على كثير من العلماء: 1/460). ويقول محمد حسين الذهبي: "ويبدو أن السر في كثرة الوضع على ابن عباس هو: أنه كانفي بيت النبوة، والوضع عليه يُكسب الموضوع ثقةً وقوةً أكثر مما وُضِعَ على غيره. أضف إلى ذلك أن ابن عباس كان من نسله الخلفاء العباسيون، وكان من الناس من يتزلف إليهم ويتقرب منهم بما يرويهلهم عن جدهم ". ( انظر: التفسير والمفسرون :1|56). الثاني: أن يكون له وجه صحيح مبني على ما صح عن رسولنا صلى الله عليه وسلم في مسألة الإسرائيليات بقوله ( لا تصدقوهم ولا تكذبوهم ) فقد يكون بعض ما نقل عنه بسند صحيح من هذا الباب. |
موقف ابن عباس من الإسرائيليات
ابن القيم- المساهمات : 17
تاريخ التسجيل : 15/04/2010
- مساهمة رقم 1