عادَ المتيّمَ شَـوقٌ كـانَ قَـد ذَهبـا وَزادَ في قَلبِهِ طـولُ النَـوى لهبـا صَبٌّ قَريبُ الأَماني في البِعـاد إِذا تذكَّـرَ الهاجريـن الجيـرَةَ الغَيبـا أَيّـامُـهُ وَليـالـيـهِ مقـسَّـمَـةٌ أَن يَلتَقي السهدَ فيها أَو يَرى الحربـا يَستَنشِق الريحَ مِـن تلقائهـم فَـإِذا هَبَّت شَمالٌ غَلا في عشقـهِ وَصبـا قالَ العذولُ تصبَّـر عـن محبّتهـم وَالحبّ كالقَلب بَعدَ البُعدِ قَـد وَجبـا بَينَ الفؤادِ وَبيـنَ الصبـرِ فاصِلَـةٌ واِسأل رحيلي عَنهم تعـرف السببـا رفعتُ صَبري عَنّي إِذا رَحلتُ وَقَـد لقيت في سَفَري من بعدهـم نصبـا هَل عائِدٌ والأَماني لَم تزل عرضـاً لِلقَلب من جوهر الأَفراح مـا ذَهبـا يا كامِلَ الحُسنِ حزني وافِـرٌ وأَرى وجدي مَديداً وَصَبري عنك مقتَضَبا لا أَبعـد اللَـهُ أَيّامـاً بقربـك قَـد حلَّت ولكنّهـا مَـرَّت فَـوا عَجَبـا أَيّامَ أَمسى حَبيـبُ القَلـب مقتربـاً منّي وَأَبعدَ من قَـد كـانَ مرتقبـا وَبِتُّ أبصِرُ كأسـي وَالمـدامُ بِهـا طَرفاً صَقيلاً إِذا ما صال أَو ضربـا حَتّى قَضى اللَه بِالتِرحال عنه فَقَـد أَمسى الحَبيب بظهر الغيب مُحتَجِبـا عوِّضتُ بِالبَدر مَحقاً وَالرضى سُخطاً وَبِالوصـال جفـاً وَالـدُّرِّ مُخشَلَبـا قَد اِتّخذتُ شُهوداً بِالَّـذي صنعـت أَيدي النَوى بيَ إِن أَنكرتـم النُوَبـا الحزنَ فالهمّ فالدمعَ المـوَرَّدَ فالـط طَرفَ المسَهَّد فالأوصـاب فالتَعبـا وَاِبيضَّ طرفي واِحمَـرَّت مَدامِعُـهُ وَاِسودَّ طرفُ اِصطِباري بعدكم وَكبا طَلَبتكم فاِستَحال القربُ لـي بُعُـداً ما كلّ وَقت يَنال المرء مـا طلبـا |
إسم الشاعر | ابن حَجَر العسقلاني |